نشرت بتاريخ

زمن الوصول وعرض النطاق (Latency and Bandwidth)

المؤلفون

السرعة عنصر مهم جداً في أداء

الشابكة
وهذا أمر لا يخفى على أحد، فحتى المستخدم العادي للشابكة يعتبر السرعة المقياس الأهم في تقييمه للعروض التي تقدمها شركات الاتصال وغيرها. وهي دائماً مهمة في تقديم تجربة مستخدم أفضل. ولكن كيف نساهم نحن المطورين في تقديم سرعة أفضل وتحسين أداء الويب؟، لنعرف الإجابة يجب علينا أولاً معرفة وفهم العوامل والمحددات التي تؤثر على الأداء. في هذا المقال سنركز بإذن الله على أهم عاملين في التأثير على أداء الشابكة:
زمن الوصول
وعرض النطاق
.

زمن الوصول (Latency):
هو الوقت المستغرق لإرسال حزمة بيانات من المصدر حتى استلامها من قبل المستقبل.

عرض النطاق (Bandwidth):
هو أكبر قدر من البيانات يمكن نقله عبر قنوات الإتصال خلال مدة زمنية معينة.

زمن الوصول وعرض النطاق

فما الفرق بينهما؟ وما تأثير كلٍ منهما على أداء الشبكة؟

لإزالة قدر كبير من اللُبس، يمكن النظر إلى

زمن الوصول
على أنه الزمن الحتمي اللازم لإرسال أصغر قدرٍ من البيانات من المرسل الى المستقبل، فهذا الزمن لا يقل أبداً مهما كان حجم البيانات صغيراً، فحجم البيانات ليس عاملاً مؤثراً به. ويقاس
زمن الوصول
بالملي ثانية (م.ث أو ms) ، فنقول إن زمن الوصول بين العميل والخادم يساوي 120 م.ث، وهذا يعني أن زمن الوصول عاملٌ مهم أكثر في التطبيقات التي يكون حجم البيانات فيها صغيراً نسبياً ولكن تتطلب سرعة عالية لإيصالها مثل الألعاب الجماعية على الشابكة والمحادثات الصوتية والمرئية. بينما
عرض النطاق
هو أكبر قدر من البيانات التي يمكن أن يسعها الإتصال خلال مدة زمنية معينة، أي سعته. وهو مهم أكثر في التطبيقات التي تتطلب نقل بيانات بحجم كبير مثل
مشاهدة المرئيات
ذات الجودة العالية وبثها، وأيضاً مهم جداً في إتاحة المجال للإتصالات المتزامنة التي يكون فيها عدّة استخدامات للشبكة في الوقت ذاته؛ كأن تشاهد مقطعاً مرئياً وتحدِّث نظام ويندوز في نفس الوقت، أو كأن يَستخدم عدّة أشخاصٍ الشبكة للتحميل والبث والمشاهدة في الوقت ذاته. فَلتوفير تجربة سلسة للجميع، فإن عرض النطاق يلعب الدور الأهم.

مكونات زمن الوصول

لنلقي نظرة على مجموعة من المكونات الشائعة التي تساهم في التأثير على زمن الوصول:

  1. زمن الإرسال (Propagation delay): الزمن اللازم لوصول البيانات من المرسل الى المستقبل. أي المسافة على سرعة انتشار الموجة والتي يحددها نوع وسط الإرسال.
  2. زمن التحميل (Transmission delay): الزمن اللازم لتحميل جميع بتّات (Bits) الحزم على رابط الإتصال (السلك، الموجات اللاسلكية). والذي يحكمه طول الحزم ومعدل نقل البيانات الخاص بالرابط.
  3. زمن المعالجة (Processing delay): الزمن اللازم لمعالجة
    ترويسة الحزم
    والتحقق من الأخطاء على مستوى البتات ثم تحديد وجهة الحزمة.
  4. زمن الاصطفاف (Queuing delay): الزمن الذي تستغرقه الحزمة منتظرةً في
    الرَتِل
    حتى تتم معالجتها. ويحدث هذا عندما تصل الحزم بسرعة أكبر من قدرة
    الموجه
    على المعالجة، فيتم وضعها في الرَتِل.

فزمن الوصول الكلي بين العميل والخادم هو مجموع كل ما سبق. كل حزمة تسافر عبر الشبكة ستتعرض لكثير من هذه الحالات، وكلما كانت مسافة الرحلة أكبر كان زمن الانتشار أطول ومررنا بمُوَجِهات أكثر على طول الطريق مما يجعل زمن التحميل والمعالجة أطول لأن ذلك يتكرر عند كل مُوَجه.

زمن الإرسال وسرعة الضوء

سرعة الضوء هي أقصى سرعة يمكن أن تنتقل بها الطاقة والمادة والمعلومات. أي أنها أيضاً السرعة القصوى لإنتقال البيانات، وبذلك تمثل سرعة الضوء حداً لزمن الإرسال في أي شبكة. لكن الجيد في الأمر أن سرعة الضوء تساوي 299,792,458 متر لكل ثانية، أو 17,987,547.5 كيلو متر في الساعة. وهذه سرعة كبيرة جداً! لكن هذه سرعة الضوء في الفراغ، أما البينات فتنتقل عبر وسط ما كالأسلاك النحاسية والألياف الضوئية والتي تُقلل من سرعة انتقال الإشارة. وهذا ما يدعى

بمعامل الإنكسار
والذي يمثل نسبة سرعة الضوء في الفراغ الى سرعته في وسط ما.

معامل الإنكسار في

الألياف الضوئية
يتراوح ما بين 1.4 الى 1.6 وهذا يعتمد على جودة ونقاء التصنيع والتي تتطور باستمرار. ولكن للتبسيط، دعنا نفرض أن السرعة في الألياف الضوئية تساوي 200,000,000 متر في الثانية، أي أن معدل الانكسار يساوي 1.5~ وهذا يعني أننا فعلاً قريبون جداً من السرعة القصوى!

عرض النطاق

تصنع الألياف الضوئية من زجاج خاص نقيٍ للغاية ، الليفة الضوئيَّة رفيعة جداً، أسمك من شعرة الإنسان بقليل. تعمل كأُنبوب صغير ينقل الضوء بين نقطتين. ولدينا أيضاً الأسلاك المعدنية ولكنها أكثر عرضة لفقدان الإشارة والتداخل الكهرومغناطيسي وكذلك تكلفة صيانتها أعلا على المدى البعيد. غالباً ستنتقل بياناتك عبر كلا النوعين، لكن للمسافات الطويلة بين نقاط الشبكة، ستنتقل البيانات عبر الألياف الضوئية.

تمتلك الألياف الضوئية أفضلية واضحة فيما يخص عرض النطاق، وذلك لأنَّ كل ليف ضوئي يمكنه حمل عدّة أطوال موجية (قنوات) من الضوء من خلال عملية تعرف

بمضاعفة تقسيم الأطوال الموجية
وبالتالي فإن عرض النطاق الخاص بسلك الألياف الضوئية هو حاصل ضرب سعة القناة الواحدة بعدد القنوات المضاعفة.

حتى عام 2010، استطاع الباحثون مضاعفة أكثر من 400 طول موجي بسعة قصوى تصل الى 171 جيجا-بت/ثانية للقناة الواحدة. ما يعني 8.75 تيرا-بايت/الثانية لسلك ألياف ضوئية واحد! وللعلم فنحن نحتاج الى آلاف الاسلاك النحاسية (الكهربائية) للوصول الى هذا الرقم.

حسناً إذاً، هذا جميل، وهذه أرقام كبيرة جداً! لكن ما خطب الاتصالات التي نستخدمها؟ أين ذهبت كل هذه القدرة!. مع الأسف هذه الأرقام تقل كثيراً جداً عند أطراف الشبكة، فسعة النطاق المتاحة هناك أقل بكثير وتختلف أيضاً بشدة حسب التقنية المستخدمة في التوزيع (Deploying technology): DSL, wireless, fiber-to-home. حتى أداء

الموجه
المحلي يؤثر. فعرض النطاق المتاح للمستخدم هو سعة أقل رابط بين المستخدم والخادم.

تقديم عرض نطاق أكبر وزمن وصول أقل

نستطيع أن نستنتج مما سبق أن لدينا مرونة في زيادة

عرض النطاق
وتحسينه في الشبكات، وذلك بإضافة المزيد من الألياف الى خطوط الألياف الضوئية، وتحسين تقنيات
مضاعفة الأطوال الموجيّة
وأيضاً من خلال زيادة عدد خطوط الاتصال. ومن الجدير بالذكر هنا أن أكثر من نصف السعة المضافة الى خطوط الاتصال العابرة للمحيط الهادئ بين عامي 2007-2011 راجعة الى تسحين تقنيات
الـمضاعفة
، أي نفس الخطوط ولكن تقنية مضافة أقوى على طرفي الخطوط.

من جهة أٌخرى، فتحسين

زمن الوصول
ليس بالأمر السهل، فيمكننا تحسين جودة الألياف الضوئية للوصول الى سرعة أقرب من سرعة الضوء ولكننا فعلاً قريبون من سرعة الضوء والمساحة المتاحة للتحسين هنا لا تتعدى 30%.

عوضاً عن ذلك، وبما أننا لا نستطيع جعل الضوء ينتقل بسرعة أكبر، لا يجب أن ننسى أننا نستطيع جعل المسافة أقصر!. لكن للأسف، فتركيب خطوط جديدة ليس ممكناً دائماً لعدة أسباب, اجتماعية وسياسية وجغرافية وأيضاً لأسباب مالية.

نتيجة لذلك، ولتحسين أداء تطبيقاتنا، علينا تصميم وكتابة بروتوكولاتنا وبرامجنا التي تتعامل مع الشبكة بوعي تام لحدود

عرض النطاق
وزمن الوصول
: فيجب علينا تقليل وقت
الذهاب والإياب
ووضع البيانات بموقع أقرب للعميل، وبناء التطبيقات بطريقة تخفي تحت جناحها تكلفة
زمن الوصول
من خلال
التخبئة
والجلب المسبق
وتقنيات أُخرى سنتطرق اليها في المقالات القادمة بإذن الله تعالى.

في الختام، اللّهم عملنا ما ينفعُنا، ونفعنا بما علمتنا، وزدنا علما ❤️.